بريجنيف قال لبومدين: لولاك ما منحنا رصاصة واحدة لمصر
اتهمت زوجة الرئيس الراحل هواري بومدين الحكام العرب بالتواطؤ والصمت أمام الحصار الذي يواجهه الشعب الفلسطيني، مع إصرار حكومة مبارك على الاستمرار في بناء جدار جديد من الجانب المصري توأم للجدار الإسرائيلي في الداخل المحتل، يعزل غزة تماما عن محيطها الخارجي ويمنع عن أبنائها الغذاء والدواء.
قالت أنيسة بومدين، في ندوة فكرية احتضنها منتدى يومية ''المجاهد''، أمس، إن هذا النوع من الحكام العرب ''بدلوا تماما العزيمة والإرادة التي ميزت من كان قبلهم''، بحضور عدد كبير من قدامى العسكريين والساسة والمثقفين، مثل كريم يونس، عبد الرزاق بوحارة، عبد المجيد شيخي، وأيضا ممثلين عن السلك الدبلوماسي الإفريقي والعربي المعتمد في الجزائر.
الندوة التي تناولت بالنقاش الميراث التاريخي للرئيس هواري بومدين، ميزها عرض مشاهد وخطابات مسجلة للرئيس الراحل، يدور معظمها حول دور الجزائر في الصراع العربي الإسرائيلي في حربي 67 و,73 ويظهر الرئيس في إحداها يودع كتائب من الجيش الوطني الشعبي من الوحدات الجوية والخاصة، تتجه نحو مصر، وهو يقول لهم ''لا يمكنكم أن تقفوا مكتوفي الأيدي أمام الاعتداء الصهيوني على قطعة من أرضنا العربية، أمامكم طريقان إما النصر أو الشهادة''. ويضيف في مقطع آخر ''إن الأمهات الجزائريات اللاتي لم تجف دموعهن بعد على أبنائهن الذين فقدنهم في حرب التحرير، مستعدات لإطلاق زغاريد العزة مرة أخرى عليكم، جئتم شهداء أو منتصرين''. وبعد الهزيمة التي لحقت بكامل القوات المصرية في نكسة 67 يرد بومدين قائلا ''العرب لم يخسروا الحرب ماداموا لم يستغلوا كل طاقاتهم البشرية والمادية ضد المحتل وحلفائه الإمبرياليين'' ويتعهد بمواصلتها إلى النهاية، ويثمن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ''لأننا لا يمكن أن نصادق من تحالف مع الصهاينة لضرب جزء من الأراضي العربية''.
وفي تدخلها قالت أنيسة بومدين، معلقة على تنقل بومدين مباشرة بعد الحرب إلى موسكو لطلب تزويد مصر بالسلاح الذي تحتاجه لاسترجاع أراضيها المحتلة، وقالت إن الرئيس السوفييتي، بريجنيف، رفض ذلك مطلقا، وقال إنه لن يقدم رصاصة واحدة عقابا لمصر على قيام السادات بطرد الخبراء السوفييت، غير أن بومدين رد عليه بأن ''هذا الموقف يضع السوفييت أمام مسؤولية تاريخية حيال العرب كلهم''، وفي ذلك تهديد ضمني بأنهم سيخسرون صداقتهم، فلم يجد بريجنيف سوى رفع التحدي بأن طلب فجأة أن يدفع المصريون بالكامل ومسبقا مستحقات الصفقة، ظنا منه أنهم سيعجزون، وهو ما تفطن إليه بومدين فحرر على الفور شيكا بقيمة 200 مليون دولار ثمنا لصفقة السلاح الذي تم تحميله إلى مصر.
ندوة أمس، وإن لم تشر تماما إلى الهجمة الإعلامية القذرة التي نظمتها حكومة مبارك مؤخرا ضد الجزائر تاريخا وثقافة وشعبا، فإن المقارنة كانت حاضرة بوضوح في أذهان الجميع بين الماضي واليوم.